Wednesday, January 18, 2012

جبل الموتي


  

    في يوم اعتقد انه من اكثر الايام حراره في شهر اغسطس مستقلا السياره المكيفه من مدينه مطروح باتجاه الجنوب... نظرت خارج السياره علي اجد شيئا يغير رتابه الرحله التي من المفترض ان تستغرق ساعتين  لمحطتي النهائيه .... سيوة.. تلك الواحه التي لم اسمع عنها سوي القليل جدا .. .. فكرت في السفر اليها بنصيحه بعض الاصدقاء من باب تغيير ايقاع الحياه اللاهث والبعد قليلا عن صخب العمل وهيستيريا القاهرة....    صحراء لاتنتهي خارج السياره التي بدت لي وكأن السائق يبطئ في سيره  ولكن نظره واحده الي مؤشر السرعه تثبت العكس  ...ترتفع السياره وتنخفض في منخفضات الطريق الناعم  الذي يشق تلك الصحراء التي لاتحمل اي معالم حياه ....استسلمت لمشاعر بدأت في التسرب بداخلي .. مشاعر من الهدوء والسكينه تمدك بها الصحراء المحيطه وتشغلك عن التفكير بلاشئ .... بداية جيده
مر الوقت بطئ  ولاشئ يغير من ايقاع الرحله سوي صوت سياره تمر علي الجانب المقابل كل فتره تتعدي النصف ساعة              ... لسه كتير ؟ سألت السائق ..... كلها نص ساعة ..استدرت برأسي ناظرا من الشباك الي تلك التي لاتنتهي   محاولا تذكر اي مما درسناه في المدارس عن سيوه .. لم اتذكر شيئا  .. الأنني لم اكن مجتهدا ؟ ! ام لانهم لم يدرسوا لنا من امرها شيئا
كانت السياره ترتفع الي اعلي وهي تصعد الطريق الي  بسرعة كبيره  وظلت تصعد كثيرا الي ان استقامت في سيرها  والسائق يلتفت نحوي قائلا : علي وصول ان شاء الله .... نظرت امامي علني اجد اي مظهر من مظاهر مدينه او محال علي الطريق او اي شئ فلم اجد شئ ... من ثم التفت الي الشباك مره اخري وقد الفت النظر الي تلك الصحراء التي لا تنتهي 
وصلنا يا بيه ... قال محدثي..... نظرت  نظرت امامي  .. وكأنن انظر الي الطريق من طائره منخفضه .. والمح في آخر انخفاض الطريق بقعة هائله من اللون الاخضر .. الاخضر الحقيقي الذي لانراه في قاهرة المعز  وكأنني استشرفت جنة خلقها الله في الارض
اقتربت السياره اكثر واكثر وبدأ الطريق يسوقنا الي الجزء المنخفض منه  وكأنني اهبط الي  تلك الجنه التي وضعها الله في الارض 
الكارت يابيه ... سألني السائق ...   مددت يدي مستخرجا الكارت من جيبي  واعطيته له ... نظر اليه وقرأ ما به ثم ردد قائلا .. الفندق ده في وسط البلد .. ثم اردف علي طول ان شاء الله
وكأنني انتقلت انتقالا مزدوجا مكاني وزماني .... طرق افعوانيه تمر بداخل اللون الاخضر يمينا ويسارا لا شئ من حولي سوي نخيل واشجار زيتون تلقي بظلها الكثيف علي تلك الطرقات ... امازلت في مصر ؟ في نفس الزمن ؟  افقت علي ملامح المدينه  بعض الاشخاص يمشون علي جانب الطريق ... صبي يدفع عربه تحمل بعض الخضار .... سياره تمر علي الجانب الاخر يضع صاحبها في صندوقها الخلفي بعضا من مواد البناء.... افقت من هذا النهم البصري ( وكأنني سائح غربي ) علي صوت السائق مشيرا بيده خارج السياره قائلا : ده جبل الموتي ... الفندق قدامه طوالي ....  جبل إيه ؟؟؟   رد متبسما .. جبل الموتي
اسمه كده....  اطمن يابيه ده اسمه بس مفيهوش عفاريت 

تجاهلت ضحكته  ونظرت الي الجبل الذي اشار اليه   لاجد لونا اخضر يكسو الجبل وبعض المباني الصغيره التي تلمح مقدمتها وتختفي مؤخراتا بداخل الاشجار والنخيل

حمدا لله علي السلامه .. قالها الشاب العامل في الفندق مبتسما ابتسامه صافيه.. شكرت السائق   وحييته  ودلفت الي باب الفندق  وسمعت السائق هاتفا : احنا زي انهارده يابيه اوعي تنسي ... لحسن الطياره تفوتك 
 صعدت الي غرفتي التي كانت بالدور الثالث والاخير في الفندق  .. ... واستلقيت علي السرير بعد رحله الطائره ثم السياره ...ناظرا نحو السباك الزجاجي .. مواجها الجبل العتيد

مساء اليوم ....  اهلا اهلا منور : قال مستقبلي  الشيخ عمر شيخ مشايخ الواحه والاصغر سنا علي مدار التاريخ القبلي للواحه
قولي يا شيخ عمر .. هو الجبل ده اسمه ايه 
رد ضاحكا .. جبل الموتي .. بكره الصبح هنطلع نزور 
دلوقتي هنتغدي  ونشرب الشاي الاخضر   قالها وهو يفتح باب سيارته التي صفها امام الفندق
طاوله طويله اصطف علي جانبيها بعض مشايخ القبائل في سيوه وعائلة الشيخ عمر وانهالت علي عبارات الترحيب والعتاب من تجاهل الاعمال الدراميه لواحتهم وتاريخها المجيد وقصصها واساطير الاجداد
بدأ بعض الصبيه في رص الطعام الساخن الذي تنبعث منه رائحه طيبه  ووسط كلمات الترحيب والضيافه التي تبعث مشاعر بالكرم الشديد المغلف بالدفء الانساني .. بسم الله الرحمن الرحيم بدأت تذوق ما قدم من طعام لأجد مضيفي يهمس لي .. علي فكره اللحمه دي غير اللي عندكم .. قلت في نفسي واضح .. ثم نظرت اليه متسائلا .. انا برضو بقول كده بس مش عارف ليه ؟ ضحك ناظرا لمن حوله الغنم اللي بنربيها في المزارع مبتاكلش غير البلح والخضره الطبيعيه يعني معندناش علف ولا اكل فيه كيماويات 
وضحك الجميع واحسست في داخلي انهم يسخرون من المدنيه المزيفه المصنوعه التي أعيشها  وان كانوا في غايه الهذب والضيافه والكرم
يجلس الجميع ارضا في حلقة كبيره علي سجاجيد يدويه مصنوعه من الصوف في صحن المنزل المتسع  ويتحدثون اثناء شرب الشاي الاخضر ولهو الاطفال حول الجمع .. 

لاحظت يا شيخ عمر ان البعض يتحدث بلغه ليست عربيه  .. سألت مضيفي
رد قائلا نتحدث الامازيغيه لغه اجدادنا  ونتحدث العربيه لغه ديننا ووطننا
ننحدر من اصوا امازيغيه التي سيطرت علي الشمال الافريقي بقيادة (شايشنق) والتي امتدت حتي اراضي مصر ووضعت اثار حضارتها في سيوة
عدت الي الفندق مساء اضئت نور الغرفه وبشكل آلي نظرت تجاهه .. وجدته مازال رابضا وتتلألأ فوقه انوار متناثره تسبغ عليه مزيد من المهابة والغموض
نمت كويس ؟ أجيته  : نمت زي القتيل يا شيخ عمر ... انتوا بترشوا منوم في الهوا عندكم ... ضحك الشيخ وقال يللا ع الجبل 
صعدت السياره لفتره قصيره في طرق متعرجه الي هدفنا  واستغللت المسافه كي اسأل مضيفي عن سر التسميه
انها مقابر الاجداد الفراعنه  والعائلات التي كانت تسكن الواحه في ذلك الزمن
قلت له : فراعنه ؟ كانت دهشتي لا توصف 
اومال السياح بيجولنا ليه ؟ الفراعنه ( شيلا ) والعيون الطبيعيه
شيلا ؟... رد بوجهه البشوش دوما 
شيلا .. اي المدينه القديمه عاصمه الاجداد في فترة (شايشنق) الامازيغيه
حمدلله علي السلامه ،،،، نظرت حولي  وجدتني اعلي جبل الموت
انفرد الشيخ عمر بالحارس المكلف  وعاد الي قائلا عاوز تدخل المقبره ؟
هو ممكن ؟  ياريت .. قلتها متلهفا
فتح الحارس الباب الحديدي الاسود ودخلت الي المقبره القديمه الرابضه وسط مئات المقابر الاخري منحنيا عبر الباب القصير  ثم مالبثت ان استقمت بداخلها وان كانت عيناي لم تعتد بعد ظلمه المقبره
تكشفت لي بعد برهة قصيره مقبره لعائله علي جانبها الايسرمصطبه ترتفع عن الارض متر تقريبا وممدد عليها مومياء رب الاسره  وفي مقابلها جدار يحوي قصة حياة الاسره وكأنه قد نحت بالامس فقط 
يا الله اهذه مومياء لاحد اجدادي ؟ امن الممكن ان تمتد يدي اليه ؟ ايمكنني ان اضع يدي علي جبينه؟
طردت هذه الاسئله والرغبات من فوري ولم ادر ماذا افعل امام كل هذا الجلال والهيبه سوي ان اقف مشدوها امام هذه العظمه ... عظمه المسمي  جبل الموتي  ... ليس الفراعنه ليس المومياوات .. فقط الموتي
انهم الاجداد .. يرونهم كذلك ليسوا آثارا وليسوا مزارا سياحيا انهم فقط .. الموتي من الاجداد

Saturday, September 10, 2011

مين يصدق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟












    اعتقد ان من الصعب جدا علي اي واحد فينا يعرف الصور دي في اي بلد .... انا شخصيا كان مستحيل عليا اني اعرف الصور دي في اي مكان في العالم .. الشئ الوحيد اللي كان ممكن اخمنه ان الصور دي متصوره في اواسط او اواخر الستينات اوائل السبعينات   واندهشت جدا حينما عرفت ان هذه الصور كانت ..... في ... أفغانستان
        ياتري ايه اللي شندلها وبوظها زي ما بنشوفها في نشرات الاخبار من اول ما وعينا علي الدنيا لحد دلوقتي ... عموما........ خساره

Tuesday, May 31, 2011

اضائت لمبة التنبيه في تابلوه سياره صديقي معلنه قرب انتهاء البنزين بالسياره .. فما كان من صديقي ان قال متململا : عاوزين بنزين . وماله... رددت انا .. فيه محطه هنشوفها كمان شويه .
ولما كنا في عجله شديده من امرنا فقد عرج صديقي الي اول محطه صادفناها علي الاوتوستراد وبالمصادفه كانت محطة ( وطنيه ) التي اعرف انها من مشروعات جهاز الخدمه الوطنيه للجيش واعرف ايضا ان من يقوم بالعمل داخلها من افراد القوات المسلحه
  فول ٩٢ قالها صديقي للعامل الذي اتي اليه ....   لا والله يابيه ٢٠ لتر بس .. رد العامل 
:ايه الزفت ده كمان ازمه في البنزين ؟ داحنا لسه بنحاول مع السولار .. رددت تلك الكلمات ولكن في عقلي 
يارب استرها علي البلد دي ... داحنا غلابه يارب 
هي ازمة البنزين دي بدإت امتي ؟ سألت العامل 
مش عارف والله بس دي تعليمات
ايوه يعني كل المحطات مافيهاش غير ٢٠ لتر بس ؟
والله مش عارف بس دي اوامر المدير .... قالها العسكري مبديا بعض التذمر ومحاولا ان يمضي لعمله 
ماشي يا معلم مافيش مشكله... قالها صديقي ثم نظر لي مبتسما  وقال الظاهر الواد مخنوق من الاسئله دي

 ايوه بس ازاي يبقي فيه ازمه في البنزين ٩٢ المفرو ض تبقي في ٨٠ مش في ده ... رددت انا وقد بدأ الفأر يلعب في عبي

خدمه تانيه يا باشا ؟ سأل العسكري 
شكرا .. من فضلك عاوز فاتوره ... رد صديقي
ادار السياره وبدأت السياره في التحرك والخروج من المحطه للعوده الي الطريق مرة اخري
استني استني ... وقف العربيه يا وليد .. هتفت اليه
ايه في ايه مالك ؟ قالها صديقي مذعورا
ولا حاجه انا عاوز اقابل المدير... قلتها وانا التفت الي احد الافراد العاملين بالمحطه من الشباك المجاور لي 
رفع العامل يده مشيرا الي مكان السوبرماركت الموجود بالمحطه قائلا .. سياده العقيد جوه
ترجلت من السياره وما ان اقتربت من المكان الذي اشار اليه العامل حتي رأيت ضابطا برتبه عقيد خارجا من السوبر ماركت متجها ناحيتي ...... مساء الفل 
بادرته مبتسما
اهلا اهلا ،،،، مش حضرتك...   قاطعته 
ايوه انا مساء الفل ... ممكن اعرف الازمه بدأت امتي ؟
ازمه ايه؟ مافيش ازمه ولا حاجه . قالها العقيد
ايوه يافندم بس مافيش اكتر من عشرين لتر بس .... رددت بدوري
آآآآآآه الحقيقه ده امر شخصي مني لان ماينفعش واحد بيمون عربيته بميت جنيه ومش عاوز يدفع جنيه واللا اتنين بقشيش.... قالها العقيد بكل بساطه وموضوعيه
لا مش فاهم حضرتك ... قلتها انا في بلاهه
انا كنت بادفع اكراميه لسواق التنك اللي بيمون المحطه اربعين جنيه دلوقتي بادفع ١٦٠ جنيه... قالها بنفس الموضوعيه والبساطه
مش فاهم ... قلتها انا بنفس البلاهه
البنزين اللي انا باجيبه المحطه من اجود انواع البنزين وبادفع ارضيه (إكراميه يقصد ) ١٦٠ جنيه علي كل نقله ومافيهاش حاجه يعني انك تدفع جنيه واللا اتنين وانت بتمون عربيتك بميت جنيه.. اعادها العقيد مره اخري 
الله ؟ هو البقشيش ده بيتجمع من الافراد بعد كده وهو اللي بيسدد النفقات دي ؟ تسائلت متعجبا 
بالظاااااااااااااااابط  فا مش معقول يعني.. قاطعته بسرعه 
ايوه ايوه مش معقول تمون عربيتك بميت جنيه وماتدفعش جنيه واللا اتنين مفهوم .. قلتها قبل ان يعيدها علي مره اخري
بس علي فكره لو عاوزتفول تحت امرك ... قالها متصدقا علينا
لا شكرا جزيلا ..... قلتها ومددت يدي بالسلام عليه وكذلك فعل صديقي ومضينا الي السياره مره اخري
وتقافزت الي عقلي عشرات الاسئله بعد حديثي مع سيادته وقلت لنفسي .. ياتري بكره جايبلنا ايه تاني؟؟؟؟